أطفال سوريا الأحرار ودمار الأعمار

خَلف مُحمد: وكالة خبر للأنباء 

تختال الطفولة في وطني مراراً وتكراراً، مرة من قبل الأهل عندما يغضون النظر عن كل تصرف وسلوك غير سليم يتبادر من أطفالهم في غير محلهِ وأيضاً عندما يهملونهم ولا يحققون مطالبهم واحتياجاتهم وهذه الأخيرة بالتأكيد قد تكون لها أسبابها هي الأخرى.

 لا نَنْسَى المجتمع هو الآخر الذي يتفنن في الأساليب الغير الصحيحة وترويج للمفاهيم المغلوطة للكثير من الحالات الحياتية.

 ومرة من العالم برمتهِ والحروب التي تقام على أرضهِ، حروب أقل ما نقول عنها إنها ضد الإنسانية بكل ما تحملهُ في جعبتها من قتل وتشريد وحرمان وتهجير وتصفيات.


وعندما نذكر كلمة طفل وطفولة يتبادر إلى ذهننا الصفاء والنقاء والبياض والبراءة والزهور وبراعم الأشجار والربيع، هؤلاء الأطفال هم زهور هذه الحياة وقلب هذه الإنسانية وهم نبض حياة هذه الحياة... لكن في سوريتي ما هم سوى مُغتالين، مُشردين، جائعين، مظلومين، مُحتاجين، محرومين، مُتألمين، أيتام، ضائعين، مُستغلين، غير آمنين، معنفين ، مُنحرفين، هاربين، هيكل تسكنهُ الظلمة والذهول والدهشة والرعب... إلخ، بصحيح العبارة هم أطفال فاقدو طفولتهم ولا قيمة لكيانهم الصغير... 

كيف ولماذا؟!
عندما تخاض الحروب في أي بلد، أكيد لا يضعون في الحسبان كل شيءٍ ومن ضمنهم الأطفال، هؤلاء إشراقه المستقبل إذا غابوا غاب الوطن معهم ويكون مظلماً وناقصاً! الحروب ليست محصورة فقط في أصوات القنابل والمدافع والرصاص وليست فقط في إطلاق الصواريخ من الطائرات وليست فقط في القتل المباشر والتدمير، بل هنالك تأثيرات أخرى نلمسها حينما تهدأ ثورة الحرب قليلاً، أنها الشلل الداخلي الذي يصيب كل مرفق في الإنسان ومن ثم البلد، أنها الجانب الآخر من الحرب ذات التأثير النفسي المُدمر الذي يُحاصر الفرد في نفسهِ ويمنعهُ من الانطلاق، واصلاً إلى مختلف الفئات العمرية دون استثناء وتحديدًا الأطفال الذين لا حول ولا قوة ولا إرادة لهم، يتعرضون للكثير من الصدمات النفسية الناتجة من هذه الحرب التي إن أعطيناها وصفاً قريباً لها، نقول هي تلك المعصرة التي تقطر نِقطة نقطة في انتظار مَلَل لا نهاية لهُ!


الحرب تحل وتنتهي نعم، ولكنها لا تمرّ وكأنها زوبعة صغيرة في فنجان بلْ هي عاصفة تقلع كل ما يكون أمامها! حرب حولها يُثار الكثير من التساؤلات والكثير من المخاوف من المجهول التي هي الأخرى ألا تعلمهُ؟!.

 يضعون خططاً للحرب وتوقعات لا تصلها بنسبة، ومن جانب آخر لا يلاحظون انعكاساتها أو يضعونها في الحسبان استناداً إلى حروب شنت قبلها، ما ذنب البراءة التي لا تملك صوتها ولا حياتها؟، فقط لها من الحياة بكائها وخوفها وفزعها وهروبها إلى حضن الوالدين، فكيف بالحروب وما تعجُّ به؟! وكيف بالطفل إذا خاف إلى من يلجأ إذا كانت الحرب قد خطفت الأب والأم ودمرت المنزل؟! شعورهم هذا لم يجربوه ولم يشعروا به لذلك لا يضعون في الحسبان كل هذه الأمور عندما يعلنون حربهم، وكل ما يكون حاضر في ذهنهم لحظتها هو كيف يبدؤون الهجوم وأي توقيت يكون مناسبا لهم هم، وأكثر ما يهمهم هو تحقيق

 إستراتيجيتهم السياسية المنتهجة؟!
الحرب فعلاً طاحنة تطحن كل شيءٍ ومعهم البشر، حرب شريرة كذاك الوحش الذي يحمل في أحشائهِ الموت والقتل والمعاناة وإراقة الدماء ومختلف الأفعال البشعة التي تكون كقبضة اَلْيَد مُجتمعة تضرب وتخنق النفوس البريئة!

 عندما يقتل طفل في الشارع برصاص جندي روسي أو طائرة أسدية روسية تهدم المنزل عليهم وهم في داخلهِ، أو ملجأ بالكامل بما فيه يُدمر من نساء وأطفال رضع وشيوخ، فالطفل اَلنَّاجِي من بينهم مثلاً والذي أطلع بعينهِ وشاهد ذلك الموت الحيّ وذلك الرعب، فكيف ستكون نفسيتهِ وأي أثر بصم بصمتهِ في داخلهِ وأي حياة ستكون لهُ بعد ذلك وبأي صورة ستُعاش؟!

ما هي السبل الكفيلة للحدّ ولو قليل من كل ما هو قائم في الحياة؟

هل هو صراع بين الحياة والحرب على الإنسان؟!
أم هو صراع الإنسان مع الإنسان نفسهُ بالحروب؟!
ويبدو أنهُ كذلك مع الأسف!


أنها نوع من الثقافة التي تغذي العقول والأذهان على العنف والقلق والخوف، أنهُ جيل كامل مُتمثل بهؤلاء الأطفال الذين سيكبرون وهم يعانون من مشاكل نفسية عميقة، لها تأثيرها السلبي مستقبلا على حياته ومستقبله ومستقبل بلده، طبعًا إذا تركت دون علاج ودون مساعدة على تجاوزها، وهذا صعب وصعب جِدًّا في ظل بلد مثل سوريا طحنتهُ الأجرام ومزقهُ العنف والتفرقة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معارك مستمرة وانتصارات متتالية

كفرنبل: مدينة الصمود لا تزال تحت وطأة الحقد والإجــرام

هل إسرائيل ستكون في مواجهة مع تركيا على الأراضي السورية ؟