ما الذي جناه الأردن من إبعاد الثوار والتقارب مع الأسد

خلف حزب الله : وكالة خبر للأنباء

لا تكاد تمر أيام بين شحنة المخدرات والأخرى القادمة من سوريا بتجاه الأردن، إلا ويحبط الجيش الأردني محاولات تهريب شحنات من المخدرات التي تقوم بتهريبها ميليشيات أسد وإيران وأخر محاولات التهريب كانت يوم أمس حينما.


أعلن الجيش الأردني  في بيان له يوم السبت أن قواته أحبطت عملية تهريب مخدرات قدامة من الأراضي السورية
بتجاه الأردن وقد تم مصادرة أكثر من ستة ملاين حبة كبتاغون وأكثر من 500 كف حشيش. 


وأضاف البيان «جرى تطبيق قواعد الاشتباك مع المهربين، مما أدى إلى إصابة أحدهم وفرارهم باتجاه الأراضي السورية وضبط المركبة المحملة بكميات كبيرة من المواد المخدرة».


وأوضح المصدر أن المركبة كانت تحوي
 «أكثر من 500كف حشيش وستة ملايين و447 ألف حبة كبتاغون، و1876 حبة كبسول مخدرة نوع لاريكا،
 وعددا من الأجهزة والمعدات المستخدمة لغايات التهريب»
وقد أشار المصدر إلى 
«تحويل المضبوطات إلى الجهات المختصة». 

             " بداية الانتفاضة للثورة السورية " 

بعد انتفاضة آذار 2011، انحاز الأردن إلى صف الثورة السورية مع الحفاظ على علاقات ديبلوماسية بالحد الأدنى مع النظام السوري وبدأت التحولات في المنطقة الحدودية منذُ الشهور الأولى للانتفاضة التي انطلق زخمها من محافظة درعا المجاورة للأردن. 


تمتدّ الحدود بين سوريا والأردن على مسافة 375 كيلومتراً، كانت السنوات العشر الماضية مسرحاً لاضطرابات أمنية وعسكرية وطريقاً لعبور اللاجئين السوريين الفارين من العمليات العسكرية،
 وقد استقبل الأردن قبل إغلاق حدوده أمام  حركة اللاجئين عام 2016 مئات آلاف السوريين الذين تدفقوا إلى أراضيه. 


وشهدت الفترة الممتدة بين عامي 2012 و2014،
 سيطرت المعارضة المسلحة على مساحات كبيرة و واسعة من المناطق الحدودية في درعا والبادية.

وفي ذلك الوقت تأسست ما يعرف بغرفة الموك التي ضمّت ممثلين عن أجهزة الاستخبارات الأميركية والبريطانية والفرنسية والعربية بهدف تقديم الدعم العسكري للمعارضة المسلحة وتدريب فصائل الجنوب السوري داخل قواعد عسكرية في الأراضي الأردنية. 


مع كثرة الأحداث كانت القطيعة الدبلوماسية قد وصلت ذروتها بطرد السفير السوري في الأردن بهجت سليمان، 
بسبب ما قالت الحكومة الأردنية إنها 
«تحركات خارجة عن الأعراف الدبلوماسية» قام بها سليمان. وقد أغلق الأردن معبر جابر-نصيب بعد سيطرة المعارضة المسلحة على الجانب السوري منه، وأعلنت الحكومة الأردنية في 2016 حدوده الشمالية الشرقية منطقة عسكرية مغلقة، وطبق فيها قواعد الاشتباك بعد عملية انتحارية نفذها تنظيم داعش ضد حرس الحدود الأردني.

                تغير خارطة السيطرة في الجنوب السوري

 وفي عام 2017، استعادت قوات النظام السيطرة على مساحة واسعة من الحدود المشتركة مع الأردن في البادية السورية، 
ثم في تسوية العام 2018 بسط النظام سيطرته على الحدود المشتركة جنوب محافظة درعا،
 بما فيها معبر نصيب، ليقرر الجانبان فتحه أمام الحركة التجارية. 


طرأ في هذه المرحلة انفتاح تدريجي كبير على العلاقات 
بين الأردن والنظام السوري، 
وصولاً إلى إجراء بشار الأسد في عام 2021 أول اتصال هاتفي بالملك الأردني عبدالله الثاني منذ قرابة عقد من الزمان.


بعدما حصلت بما تُسمى المصالحة والتسوية في الجنوب السوري وسيطرة النظام وروسيا وإيران على درعا والحدود السورية الأردنية أستبشر الأردن خيراً لاسيما بعد الأزمة الاقتصادية التي لحقت به جراء إغلاق المعابر 
الحدودية مع سوريا
حاول الأردن جاهداً اعادة العلاقات مع النظام السوري وإعادة سوريا إلى الجامعة العربية متناسياً إجرام هذا النظام بحق الشعب السوري، لا يشك عاقل بالحماس الأردني تجاه النظام في السنوات الأخيرة وكأن النظام السوري وعلى رأسه
 "بشار الأسد " سيكون الحل الأنسب للازمة السورية ولمشاكل دور الجوار. 


لكن مع مرور الأيام وبعدما تكشفت نية النظام السوري تجاه الأردن والخليج العربي وسماحه لميليشات إيران وحزب الله اللبناني بالتمدد على الحدود الأردنية جاعلين من الأردن مماً لتهريب المخدرات وبيعها في السوق الخليجية وغيرها من الدول، لكن مع كثرة إنتشار الميليشيات الإيرانية وتوغلها على الحدود الأردنية بدأ صُناع القرار في الأردن بمراجعة حساباتهم ولاسيما في السنوات الأخيرة عندما قامت ميليشيات النظام السوري وميليشيات إيران بأغراق الحدود الأردنية بالمخدرات والمواد المخدرة جاعلة من
 "المملكة الأردنية" طريقاً  تجارياً للمخدرات.
                            

                  "حرب المخدرات وطرق التهريب "

ومع استعادة نظام الأسد معظم المناطق الخارجة عن سيطرته عام 2018 انتقلت تجارة المخدرات إلى مرحلة جديدة؛ فقد ارتفع حجم المخدرات المصادرة القادمة من سوريا في الأعوام 2018-2020 ما بين 6-21 
ضعفاً مقارنة مع عام2011، 
وتزايدت أعداد مراكز وورشات التصنيع المحلي للمخدرات بهدف التجارة، وازدادت أيضاً عمليات التهريب ونقل المخدرات القادمة من لبنان أو من إيران، 
وكذلك عدد الشحنات التي تم اعتراضها، وأصبح إخفاء شحنات المخدرات أيضاً أكثر تطوراً من الناحية التقنية. 


تُغادر المواد المخدرة سوريا "خاصة شحنات الكبتاغون "
عبر الأردن متجهة إلى ثلاث وجهات رئيسة، هي: شمال إفريقيا، وشبه الجزيرة العربية، وأوروبا. 


حيث تشير الأدلة المتوفرة إلى أن أوروبا تشكل الآن محطة عبور للمواد المخدرة المتجهة إلى أسواق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.


لم يقف الأمر عند هذا الحد ولم تكتفي إيران ومن خلفها بشار الأسد بتخاذ الأردن طريقاً لتهيرب المخدرات بل وصل الأمر لحد الاشتباك بين هذهِ الميليشيات المدعومة من إيران والجيش الأردني إلى أن أعلنها  الأردن صراحتاً عن حرب مخدرات حقيقة على حدوده وعلى لسان مدير الإعلام العسكري الأردني " 
وفي أخر عملية نوعية للجيش الأردني قام من خلالها بالاشتباك مع مجموعات التهريب وقتل 27 منهم وفرار الباقين إلى العمق السوري. 


ومن الواضح أن المنطقة الشمالية أصبحت أشبه بكرة الثلج ومع تطور قواعد الاشتباكات هنالك وصل الأمر قبل شهور بمقتل ضابط و وكيل على يد مجموعات التهريب وقالت مصادر أردنية أن منفذي هذهِ العملية تتبع للفرقة الرابعة التي يترأسها "ماهر الأسد " 
وعن المواد المخدرة وعلى لسان الحكومة الأردنية إن كميات المخدرات في الشهر الواحد في تزايد دائم وفي كل مرة تكون الكميات المهربة حديثاً أكثر من الكميات التي تم ضبطها من قبل  والاحصائيات في تزايد.

        
               "ما الذي جناه الأردن من ابعاد الثوار "

وهنا السؤال الذي يطرح نفسه دائماً ما الذي جناه الأردن من ابعاد الثوار والتقارب مع بشار غير إستهداف الأمن القومي الأردني وجعل الأردن مسرحاً وطريقاً  لتجارة المخدرات وما الذي يمكن أن تترجاه الأردن من نظام تعتمد ميزانية نظامه على تجارة المخدرات  فهل أخطأ صناع القرار في الأردن حساباتهم؟ هذا ما أجاب عنه العاهل الأردني في أخر زيارة له إلى واشنطن منتصف أيار الماضي حينما شرح للإدارة الأمريكية ما يعانيه الأردن من نظام الأسد ومن ميليشيات إيران التي لطالما حذر من مشروعها. 
ونقلاً عن " أورينت نت" اقترح الأردن على الإدارة الأمريكية حلول لإيقاف حرب المخدرات بعدما قدم أرقاماً وشواهد خطيرة تهدد أمن المملكة ومن الحلول التي تم اقتراحها :
الاقتراح الأول :
"السماح لروسيا من تعزيز قواتها في الجنوب السوري وعدم الضغط على موسكو مما يؤدي إلى انسحاب قوتها العسكرية المتواجدة هناك خشيتاً أن يؤدي ذلك إلى فراغ تملئه إيران وميليشياتها، " وبالطبع رفضت الإدارة الأمريكية هذا الاقتراح بحكم انها في حالة حرب شبه شاملة مع روسيا بعد الغزو الروسي لجارتها أوكرانيا ولا يمكن أن تقدم امريكا أي امتيازات لروسيا في هذهِ الحالة.
أما عن الاقتراح الثاني :
هو إقامة منطقة أمنة وعازلة على الحدود السورية الأردنية
لأبعاد ميليشيات المخدرات والإرهاب الأسدي ولكن الولايات المتحدة الأمريكية وكما سُرب رفضت هذا المقترح. 
أما عن المقترح الثالث:
 الذي كان في جعبة العاهل الأردني والذي يبدو أنه لاقى قبولاً
من حيث المبدأ فهو إعادة نشر قوات من المعارضة في المنطقة الحدودية مدعومتاً من التحالف الدولي نواتها فصائل الجيش الحر على أن تكون مهمتها مواجة ميليشيات التهريب وليس قتال أو الاقتتال مع أي طرف كان.
ربما لم يعد السؤال مهماً عما جناه الأردن من التطبيع مع نظام الأسد وقيادة الأردن لإعادة تأهيل النظام عربياً في زيارته العام 2021 إلى واشنطن للسماح بذلك
لكن نتائج هذا التطبيع قد تبينت للجميع وأول من دفع ثمنها هو الأردن نفسه وأول من حصد غضب الإدارة الأمريكية هي الأردن نفسها بعدما استغلت الهامش الاقتصادي التي سمحت به الإدارة الأمريكية للأردن فيما يتعلق بالتبادل التجاري بين الطرفيين، فهل تعيد الأردن وصناع القرار فيها حساباتهم 
مرة أخرى حيال موقفهم من نظام الأسد الذي لم يحمل أي نوايا حسنة تجاه دول الجوار 
هذا ما سوف تأكده الأيام القادمة...


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مجموعة مسلحة تابعة للجيش الوطني تهاجم كادر "جامعة الشام" بحلب

النفوذ الإيراني: مخططات جديدة ونوايا خفية على الساحل السوري