الشعب السوري بين خُبث النظام وهشاشة المعارضة

خلف حزب الله : وكالة خبر للأنباء 

من الطبيعي ٱن تأتي بشارات انتصار الأسد من جماعة الأسد. فهم قالوها منذ بواكير الثورة... "خلصت" لكن ليس من الطبيعي ٱن يتلقى العدو بشريات نصره من أشخاص مستقرين بيننا وربما في الصفوف المتقدمة.

وأنا أشير هنا الى الغربان... من مهازيل الرجال الذين نسمع منهم ما يرضي العدو ويغضب الصديق
فهؤلاء ومنذ سنوات أعلنوا عن انتهاء ثورة الكرامة.
فحين يتحدثون عن النظام لا يذكرون الا مظاهر قوة العدو ولا يتحدثون عن جرائمه.

وحين يتحدثون عن الثورة فلا يذكرون الا أخطاءها وثغراتها... دون الحديث عن حقها وحقيقتها... كثير من هؤلاء اشتاقوا إلى العبودية ويتحرجون من التصريح بما يعتلج في صدورهم.

"الشعب والنظام"
لطالما كان الشعب السوري في ظلال الثورة السورية
هو محور القضية ومركز الحدث، في كل القضايا التي برزت وتبرز في التاريخ البشري، نلاحظ أن الخطاب السياسي والإعلامي الموافق والمصاحب للقضية مها تكون القضية فأن الخطاب يحرص على تمجيد الشعب.

واطلاق أوصاف موجودة في الشعب وربما يضيف إليها المُخاطب بعض المبالغة ليبرز أهمية الشعب.
وحتى الطغاة يحرصون على الاطراء بشعوبهم، بمناسبة أو بأخرى، على الرغم من أنهم يُهينون هذا الشعب، لكن بنفس الوقت هو محل مفخرة لهم، وهذا أمرٌ طبيعيّ جداً.

إلا بالثورة السورية، نجد أن هذهِ القاعدة كُسرت وللأسف الشديد الشعب السوري يتلقى الشتيمة من الطرفين
من النظام نفسه ومن المعارضة أيضاً.

وبعدما انتفض الشعب السوري بوجه السلطة الأسدية الحاكمة في سوريا
يكون موقف النظام من شتم الشعب مبررا بحق "بطلانيّ"
هذا النظام المجرم بطبيعة الحال غير مرتاح للشعب بالأصل
وحتى قبل إندلاع الثورة لم يرتح النظام السوري لهذا الشعب بيوم من الايام لأن الشعب السوري الكريم بطبعه والغيور في فطرته لم يكن بيوم من الايام على مقاس هذا النظام.

ومنذ صعود الأسد الأب إلى السلطة ومروراً بالوريث القاصر تربصوا لهذا الشعب بكل قوتهم وصنعوا له المكائد عبر
الأجهزة الأمنية التي شكلت رعبا للسوريين على مدى عقود
وهذا قبل إندلاع الثورة فكيف سينظر النظام إلى هذا الشعب بعد أن انتفض برمته؟ مطالباً بحقوقه المشروعة، عندها لا يمكن أن نتصور أن يصحو مزاج هذا النظام القاتل على الشعب المظلوم.
ولو كان هذا النظام بمقدوره أن يقتل أكثر مما قتلا بملايين
ويبيدهم عن بُكرةِ أبيهم لفعل.

لكنه لا يستطيع أن يفعل هذهِ الخطوة لذلك حرص على تشويه الشعب السوري الذي ثار عليه وذلك من خلال إعلامه وشبيحته بأوصاف على صدد أن هذا الشعب
(غوغائيّ وهمجي) وجرى هذا عبر إعلام النظام وبعض الفنانين الأسدين.
(لم يكونوا أوفياء)
أما في الشق الثاني نجد المعارضة العسكرية منها والسياسية
وكل من لفَ لفيفهم، لم يقصروا أبداً في لوم الشعب وشتمهِ
رأينا هذا الموقف من معظم قادة الفصائل وخاصة في السنوات الأربع الماضية عندما غضب الشعب السوري منهم حينما سلموا مناطق ريف إدلب الجنوبي بكل دمٍ بارد حاملين معهم ما خفَ وزنهُ وارتفع ثمنه وتاركين خلفهم ما أرتفع وزنه من سلاح ثقيل وما شابه ذلك.

والأهم من هذا كله بعد كل انسحاب لهذه الفصائل يتركون خلفهم من كان وفياً معهم يتركون الشعب لمصيره المجهول
هذا الشعب الذي قُصفَ بالنار ولفحهُ الكيمياء بحجة وجود الفصائل بين الناس ومع هذا كله لم نجد مظاهرة واحدة من هذا الشعب تطالب بخروج الفصائل، فاجعة وكارثة عندما يترك الشعب الذي حمى هذهِ الفصائل لمصيره المجهول،

وكل حديثنا هنا نستثني الثوار الشرفاء الذين لا حول لهم ولا قوة وبعض المناطق التي أذاقت النظام ما يستحق مثل دار العز والشموخ ومعرة النعمان وكفرنبل ورموز لمدن كثيرة، نحن نتحدث عن ظاهرة، فعلاً إنها لظاهرة غريبة في سوريا يحدث العكس تماماً بدلاً من يقوم الفصيل بحماية الشعب نجد الشعب هو من يحمي الفصيل وبدلاً من أن يستسلم من لا يحمل السلاح نجد أن حامل السلاح ومُخشوشن الصياح هو من يستسلم

وعلاوة على هذا يُشتم هذا الشعب إذا غضب ويُسجن إذا تكلم ويستهزء به وبمظاهراته المشروعة كما فعل رئيس الائتلاف "سالم المسلط" حينما قال عن مظاهرات الشمال أنها خرجت من فهمٍ خاطئ لتصريحات جاويش_أوغلو
ما الذي يفهمه الشعب السوري من تصريحات رئيس الائتلاف إلا أنه يقول بشكل أو بأخر إنها مظاهرات عبثية.

"النخبة والشعب"
في كل أدبيات الصراع وفي كل القضايا تحرص النخب على صيانة الحالة الثورية واحترام كفاح الشعوب، إلا في الثورة السورية وجدنا النخبة لا تبرز أهمية الشعب السوري في نضاله الثوري، وفي كفاحهِ التحرريّ، علماً أنه ليس هنالك شعب قدمَ ما قدمه الشعب السوري، ومع كل هذهِ التضحيات والنضال
تصب النخب فشلها على الشعب السوري.
وأيضاً المعارضة السياسية، مع الأسف الشديد الشعب السوري واقع بين ظالمين بصرف النظر على أن الظالم الأول يمتلك البراميل والكيماوي، لكننا نتحدث هنا عن الخطاب المرافق للقضية السورية.

إذاً المعارضة السياسية حرصت في معظمها على مهاجمة الشعب السوري كلما سمحت لهم الفرصة بذلك وكأن ثورة الشعب السوري أحرجتهم كثيراً وأتعبتهم بارتفاع سقفها وشدة اصرار مُريديها، أما المعارضة هنا سقفها أشبه بالقاع أو الحضيض، رأيناهم يبتهجون وهم يصافحون المحتلين
مع ما يصاحب ذلك من ظهور انحناء خاشع ذليل

أين هذهِ المعارضة من شعب له ذلك السقف العالي من الصمود والغضب والثبات على مطالبه على الرغم من آلة الأجرام التي لحقت به، رأينا ثورات خرجت وانتفضت ثُمَّ سرعان ما رجعت إلى بيوتها هرباً من بعض الغازات المسيلة للدموع، إلا أن الشعب السوري وبعد مرور أكثر من عقد على ثورته العظيمة ضربُ بالنار ونالت البراميل عليه ولفح بالكيمياء والسارين ومع ذلك لم يستسلم ولم ينحن ولسان حال قاطني المخيمات يقول "حياة الخيمة ولا حياة بيت الأسد"
فأين أنتم من هذا الشعب العظيم في ثوابته والعنيد في مطالبه؟

يعلم الشعب السوري الثائر- من واقع التجربة مع النظام الطائفي القاتل- أن للحرية ثمناً لا بد من دفعه... وقد أظهر الشعب جاهزية استثنائية لدفع الثمن الأكبر وهو الموت... فالموت- وفقاً لرؤية الثوار- هو شهادة وكرامة.

ولو أن هذا الشعب يريد المصالحة لما ضحى كل هذهِ التضحيات ورأينا كيف انتفض الشعب السوري في الشمال
ضد كل من يتلاعب في دم شهداء الثورة وتضحيات الثوار.

"الشعب محور القضية"
المبرر الأهم احتساب الشعب السوري هو محور القضية
لأنه ببساطة هو من دفع الثمن الأكبر وهو من قدم التضحيات الأكبر في هذهِ الحرب الدائرة من حوله منذُ سنوات.
دفع الشعب السوري الثمن مرتين وهنا المشكلة والطامة الكبرى، كل شيء في الثورة السورية استثنائي يختلف تماماً عن المنطق السليم والطبيعي، والسبب كما نكرر دائماً ونؤكد عليه هم القابضون على الثورة، طبيعتهم وخصائص فكرهم
تحمل مزايا تختلف تماماً عن الشعب السوري المناضل وعن الطبيعة الإنسانية العادية.

عدو الشعب السوري أيضاً استثنائي في مكره وخداعه، وجرامه.
والمعارضة المتسلقة السياسية استثنائية في خيانتها وتقديمها التنازلات إلى العدو دون أي مقابل يُذكر
وكل هذا ساهم في دفع الشعب السوري أثمان أكثر وأكثر
ومعنى هذا الكلام أن التضحيات التي قدمها السوريون الأحرار والأثمان التي دفعوها ليس سببها النظام المجرم فقط
بل أيضاً كان للمعارضة دور كبير في زيادة معاناة هذا الشعب اليتيم.
الثمن الأول الذي دفعه الشعب السوري طبيعيا وبديهيا
لأن هذا النظام المجرم همجي وشرير عدواني الطبع ولا حدود لإجرامه، الشعب هو هدفه الأول، وفي كل الصراع الدائر في سوريا عين النظام على الشعب فقط إلا إذا برز قائد عسكري وطني أو وسياسي مؤثر أو إعلامي وصل صوته
أيضاً يكونون هدفاً للنظام.

المستهدف الأول هو قاتل النظام هو الشعب الذي أحرج النظام وحشره في زاوية ضيقة لا يستطيع أن يخرج منها.
الثمن الثاني: كان ضحية أخطأ قادة السلاح وانبطاح بعضهم ورهن سلاح الثورة الذي جُبل بدماء الشهداء
في يد دول إقليمية لا تنظر للثورة السورية أو للشعب السوري إلا من باب المكاسب والمصالح،
إذاً النظام أيضاً في عرفه لا يعتبر أنه انتصر إلا إذا انتصر على الشعب لا على الفصائل، فالنصر بالنسبة للنظام وعصابته الطائفية هو عندما يشاهدون البؤس في السوريين وقد رأينا هذا عندما يتداولون المقاطع المهينة للشعب السوري.

السبب الثالث: بالنسبة للمعارضة فهم يتعبون الهزيمة هي هزيمة الفصائل
مثل رؤية حزب البعث عند الهجمة الإسرائيلية في 1967
قالوا لم نهزم لأن الحزب ما زال محافظاً على نفسه،
والدليل كثرة استخدام مصطلح انحاز الفصيل فلأن
وتتبادل بعدها المعارضة السياسية والعسكرية اللوم ويلقون بفشلهم على الشعب السوري.

وبهذه الصياغة لا ننسى أن نترحم على أبطال الثورة السورية الذين حملوا هموم ومطالب هذا الشعب الذين امتزج دمهم بتراب الوطن مما زاد غلاؤه غلاءً في نفوسنا وزاد الشعب تمسكاً بثورته المشروعة ومطالبه المحقة
لهذهِ الأسباب الموجزة الثلاثة الشعب السوري هو محور القضية دائماً وأبداً، والخيانة هي حالة عامة وليست شاذة
وفي الحالتين الشعب السوري هو في الوضع الأسوأ من طرف النظام هو المستهدف والهدف، ومن طرف الفصائل والمعارضة محط هجوم ولوم ودرع يتقون به في الأرض وفي المحافل الدولية، مما جعل فاتورة الدماء مهولة جداً
والسؤال الذي يدور على لسان قاطني المخيمات أصحاب الثورة، ألم بآن لكم أن تردوا أيام الوفاء وأن توفوا بالوعود والعهود؟؟.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مجموعة مسلحة تابعة للجيش الوطني تهاجم كادر "جامعة الشام" بحلب

النفوذ الإيراني: مخططات جديدة ونوايا خفية على الساحل السوري