هل ستكون فرنسا بوابة سوريا الجديدة لرفع العقوبات

ملك السعد : وكالة خبر للأنباء 


زار الرئيس السوري أحمد الشرع العاصمة الفرنسية باريس ٧ ايار ٢٠٢٥ ، وهي أول زيارة له إلى أوربا عموماً وفرنسا خصوصاً منذ سقوط نظام بشار الأسد وتشكيل الحكومة الجديدة ، وتعد هذه الزيارة هي أول تحرك دولي حقيقي منذ تشكيل الحكومة ،  وخطوة  عملية بدأ فيها الرئيس الشرع بعد تأن وترقب بأشهر منذ سقوط النظام السابق ، وحملت في طياتها العديد من الرسائل و الأجندات بعضها ظاهر للعلن والبعض الآخر مخفي لم يتم الكشف عنه بعد.

وصل الرئيس" الشرع "إلى العاصمة الفرنسية باريس لتلبية دعوة رسمية كان قد وجهها إليه الرئيس الفرنسي" ايمانويل ماكرون " في الشهر الماضي .
ورافقه وفد قدم معه من سوريا من بينهم وزير الخارجية " أسعد الشيباني" و وزير الطوارئ والكوارث " رائد الصالح" .
التقى الشرع نظيره الفرنسي "ماكرون" في قصر الاليزيه ، وفتحت الملفات جميعها لتداولها وبحثها    ، الملفات السياسية والاقتصادية والإعمار والطاقة ، وملف الاستقرار والسلم الأهلي ، والتحديات الأمنية والعلاقات السورية مع دول الجوار والتعاون الإقليمي.


أكد الرئيس الشرع خلال المؤتمر أن مستقبل سوريا يرسمه السوريين ولن يصاغ من غرف مغلقة أو يدار من عواصم بعيدة بل سيبنى بالعلن ، وهي رسالة غير مباشرة تعني بالدول التي تدخلت في سوريا وإرادة شعبها طوال سنوات الحرب السابقة.
وحث "الشرع " الشباب السوري والموظفون بكافة مجالاتهم  إلى العودة إلى أعمالهم وبلادهم والمساعدة في بناء دولتهم،
وأكد على حريتهم في التعبير عن آرائهم.



وقد سبق هذه الزيارة اتصالات هاتفية عديدة بين الرئيسين في الأشهر الماضية ناقشا فيها أهم القضايا المتعلقة بالاستقرار ، وكان وفد دبلوماسي فرنسي قد زار دمشق في شهر ديسمبر ٢٠٢٤ ، تلا سقوط نظام الأسد وتشكيل الحكومة الانتقالية بغية بيان وقوف فرنسا إلى جانب الشعب السوري بعد تخلصه من نظام الأسد.



أتت زيارة الشرع في لحظات حرجة على خلفية التصعيد الإسرائيلي وبعض المجموعات المسلحة الخارجة عن الدولة داخل سوريا ، والتي طالت محيط القصر الرئاسي في دمشق ، ومدن عدة قريبة من دمشق ، والنعرات الطائفية التي تتزايد يوماً عن يوم وتلقي حمل ثقيل على كاهل الحكومة السورية الجديدة في فرض الأمن والاستقرار ونزع السلاح الخارج عن الدولة .



في السياق ذاته ، انتقادات واسعة طالت الرئيس الفرنسي "ماكرون "من قبل اليمين الفرنسي والتي وصفت " الشرع " بالإرهابي السابق ،
دافع " ماكرون " عن قراره باستقبال "الرئيس الشرع " بأن الرجل ساعد في إسقاط ديكتاتور وأن السياسة لا تعرف الابواب المغلقة ،  وأن الزيارة لخدمة مصالح فرنسا ، 
واكد على طلبات فرنسا من الحكومة السورية الجديدة التي تتمثل بشكل أساسي بالحرية والديمقراطية وحماية جميع مكونات المجتمع وتوصيات اخرى توجب على حكومة سوريا تنفيذها خلال ٦ أشهر يتم تقييم الوضع بناء على نتائج هذه الفترة  وعلى قدرة الشرع في تنفيذ التوصيات الأوربية ،وأكد أن أمن سوريا مهم للمنطقة بأكملها و ان بلاده تسعى لرفع العقوبات عن سوريا بشكل تدريجي ،وتضغط على الولايات المتحدة لاتخاذ مسار مماثل.
 


أيضاً صرحت جريدة وول ستريت جورنال : أن واشنطن قدمت لحكومة الشرع قائمة شروط يجب استيفاؤها قبل النظر في أي تخفيف للعقوبات ، وهي على الأغلب القائمة ذاتها التي قدمها الرئيس الفرنسي" ماكرون " للشرع في باريس .
كما صرحت الجريدة أيضاً بأن "الرئيس الشرع" أوصل رسالة إلى ترامب يطلب فيها مقابلته عند زيارته إلى السعودية في في منتصف هذا الشهر .
ونقلت وول ستريت جورنال عن مسؤول بالخارجية السورية أن دمشق تأمل أن تصبح حليفا مهماً ومؤثرا لواشنطن خلال الفترة المقبلة .



عكست زيارة" الشرع" إلى باريس ومبادرة" ماكرون " في الدعوة التي قدمها للشرع مرحلة جديدة من البراغماتية السياسية في العلاقات الدولية ،حيث يتم تقديم المصالح الاستراتيجية والسياسية التي تربط البلدين من محاربة إرهاب ومشاريع إعمار واستقرار المنطقة - على الاختلافات والاعتبارات التقليدية المعروفة ،في خطوة إيجابية تجاه الانفتاح بين الطرفين واعطاء الأولوية للمصالح الدولية.

حيث يسعى" ماكرون" في هذه المبادرة الدبلوماسية التي قام بها من دعوة الرئيس السوري إلى باريس لتعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وتعزيز نفوذ فرنسا في المنطقة وأن يكون لبلاده دور أساسي ومحوري في ملف إعادة الإعمار ومعالجة قضية المهاجرين لاسيما الغير شرعيين التي أصبحت عبئا ثقيلا على دول أوربا في ظل حرب اوكرانا ، أيضاً تسعى فرنسا إلى إيقاف تجارة المخدرات والسلاح عبر الحدود ،ومكافحة الإرهاب ، حيث أوضح ماكرون أن جميع هذه الملفات مرتبطة بشكل وطيد بأمن واستقرار سوريا والدول الجارة لها.
فسوريا اليوم فرصة استثمارية وبوابة لإعادة تعزيز وجود فرنسا في الشرق الأوسط ولذا تتخذ فرنسا خطوات متقدمة إيجابية تجاه الحكومة السورية الجديدة .


إن ملف رفع العقوبات ومنح الشرعية ودعم وحدة اراضي سوريا  يعتمد اليوم بشكل كبير على قدرة الرئيس"الشرع"
في تلبية الشروط التي قدمها "ماكرون " وهي شروط أوربا عموماً ، وكسب ثقة فرنسا من خلال تقديم ضمانات أمنية واقتصادية لها ، وهذا مالم تتضح مخرجاته بعد ، في ظل تساؤل كبير عن أجوبة  الشرع على الشروط الاوربية كاملة ...وهل سيناقش الشرع بعض الشروط التي قد لا تنطبق مع أهداف الحكومة كملف المقاتلين الاجانب وتجنيسهم والذي أكد عليه الشرع خلال المؤتمر الصحفي بأن  الأجانب الذين بقوا تحت عباءة الحكومة وتزوجوا من سوريات سينالوا الجنسية  بحسب ما ينطبق عليه الدستور السوري ، ومشاركة جميع أطياف المجتمع السوري في الحكومة الجديدة ، والوصول إلى حل مع قوات سوريا الديمقراطية. 



ربما جميع هذه التساؤلات ستتضح في الاجتماع الذي سيعقد قريباً في الخليج بحضور الرئيس الأمريكي " دونالد ترامب " والذي من المتوقع أن يحضره الرئيس السوري " احمد الشرع".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معارك مستمرة وانتصارات متتالية

كفرنبل: مدينة الصمود لا تزال تحت وطأة الحقد والإجــرام

هل إسرائيل ستكون في مواجهة مع تركيا على الأراضي السورية ؟