بين التفاهة والحقيقة ... أي إعلام نريد؟

شام العلي : وكالة خبر للأنباء لم يعد الإعلام، كما تعلمناه صوتًا للناس، ولا مرآة للواقع، بل بات في كثير من الأحيان صدى للضجيج، ومنصة لتمجيد التافه وتغييب المهم. تهمش القضايا الحقيقية، وتُقدّم التفاهات في قالب براق على أنها "محتوى"، وكأن الغاية لم تعد أن يعرف الناس بل أن يلهوا. نشاهد شاشات تقتات على الجدل الفارغ، وحوارات يقصى منها العقل لحساب "الترند"، ومقدمين لا يبحثون عن الحقيقة، بل عن اللحظة الأكثر إثارة. أين ذهبت الوظيفة التوعوية للإعلام؟ وأين اختفت المعايير التي تفرق بين الصحفي وبين صانع محتوى يتقن إثارة الضجيج؟ في بلاد أنهكتها الحرب، لا يليق بنا أن تجمل الواجهة وتخفي الركام لا يليق بالإعلام أن يغض الطرف عن المعاناة، ليطارد مشاهدات من ورق. لدينا وجع يستحق المايكروفون، وشباب يحتاجون نافذة على الأمل، لا على التفاهة. ما نعيشه اليوم لا يشبه مجرد أزمة في الذوق العام، بل هو انحدار في الرسالة، حيث يختزل الإعلام في أدوات ترفيه بلا مضمون، وتُغتال القيم على مذبح "التفاعل". لقد علمتنا التجربة السورية أن الكلمة يمكن أن تنقذ... أو تخون أن الكاميرا يمكن أن تكون شاهد...