بين الرصاص والحصار: رحلة المجاهد عمار عبد الرؤوف ملا موسى من حلب إلى الشمال السوري



عمار عبد الرؤوف ملا موسى من مدينة حلب اختار طريق المقاومة منذ لحظة انشقاقه عن النظام السوري في شباط 2012. البداية كانت في حي الوعر بحمص، حيث قرر الانشقاق بعد أن شهد القتل واستهداف المدنيين ليبدأ رحلة طويلة مليئة بالتضحيات الجسدية والنفسية.


عمار يقول: 

"بدأت انشقاقي وأنا بحي الوعر بحمص، ما كان القرار سهل، بس ما قدرت أظل مع نظام يقتل الناس. طلعت على جبل الأكراد، وهون كانت البداية الفعلية لطريق طويل مليان تضحيات."

بعد انشقاقه توجه عمار إلى جبل الأكراد بريف اللاذقية حيث خاض أولى المعارك ضد النظام مستفيداً من معرفته الجغرافية بالجبال والتضاريس وكانت المعارك متواصلة والخطر حاضر في كل خطوة ما جعل المرحلة مليئة بالضغط النفسي والجسدي


تركيا ثم العودة إلى إدلب 


بسبب نقص الإمكانيات والسلاح انتقل عمار لفترة قصيرة إلى تركيا حوالي شهر قبل أن يعود للقتال ضمن كتيبة العزة لله والنصر بقيادة عثمان جميل شيخاني خلال هذه المرحلة شارك في تحرير الزعينية بريف إدلب الغربي.


 "كانت أيام ثقيلة بس كل خطوة نحو التحرير كانت انتصار على الخوف واليأس."


عودة حلب والإصابات الأولى

عاد عمار بعدها إلى حلب وانضم إلى لواء درع الوطن حيث تلقى إصابته الأولى في منطقة البرنوص لم تمنعه الإصابة عن العودة للقتال فانضم لاحقاً إلى كتائب أبو عمارة خلال أول حصار لحلب من طريق الكاستلو وشارك في المعارك اليومية وسط ظروف صعبة من جوع وبرد وقصف مستمر.


"كنا محاصرين من طريق الكاستلو… الجوع والبرد والقصف كانوا يومياتنا بس ما كان في مجال للاستسلام كنا نقاتل عن قناعة وعن أمل."


المعارك في حندرات وراية الإسلام وفيلق الشام

مع استمرار الحصار انتقل عمار إلى جبهات مخيم حندرات ثم انضم إلى راية الإسلام بقيادة أبو الجود وفيلق الشام مواصلاً القتال رغم الإصابات المتكررة ونقص الذخيرة والطعام


في تشرين الثاني 2016 وأثناء معركة الدفاع عن حي العامرية أصيب بقذيفة هاون قرب جسر الحج ونقل للمستشفى لتلقي العلاج لكنه عاد للقتال بعد تحسن حالته.


"كنت مصاب بس قلبي ما قدر يقعد نزلت قاتلت لأنو واجبي وما فيني أتفرج."


الحرب لم تكتفِ بجسده فقد فقد أخاه الأول الذي استشهد والثاني فقد كليته والثالث قدميه ونصف جسده ما ترك أثرًا نفسيًا عميقًا عليه وعلى أسرته.


"كانت أيام سودا… كل إصابة فينا كانت وجع للأم كلها بس كنا نقول الحمد لله ما في طريق للرجعة."



أربع إصابات تلقاها خلال مسيرته: الأولى في جبل الأكراد، الثانية في الشيخ سعيد بحلب، الثالثة أثناء مؤازرته في حي العامرية، والرابعة إصابة بليغة قرب القلب والقدمين


"ولا جهة ساعدتنا… بس نحنا طلعانين لله، مو طمعانين بشي."


بعد حصار حلب وخروجه منها قضى فترة للتعافي من إصاباته قبل أن يعود للقتال في ريف اللاذقية متنقلاً بين جبل الأكراد وجبل التركمان مستمرًا في الجهد العسكري رغم الظروف الصعبة ونقص الإمدادات بعد ذلك قرر التوقف عن القتال المباشر والتركيز على عمله المدني وأسرته مع الالتزام بالاستجابة للمؤازرات عند الحاجة:


"اليوم أنا عم اشتغل مدني، بس لو النظام تقدم شبراً برجع فورًا… هاد طريق ما بينترك."


ورغم كل ما مرّ به يؤكد عمار أنه لم يشارك في الاقتتال الداخلي بين الفصائل:


"ما قاتلنا مشان نحارب بعضنا، طلعنا ضد النظام، ضد الظلم مو ضد بعض."


الحياة اليوم ورؤية المستقبل

اليوم يعيش عمار في الشمال السوري، بين آثار الحرب وذكرياتها لكنه ما زال مؤمنًا بأن تضحياته لن تضيع ويأمل أن تتذكر الدولة الجديدة جهود المقاتلين الذين دفعوا أعمارهم ودماءهم في الصفوف الأولى:


"بتمنى الدولة الجديدة تتذكرنا نحنا يلي كنا بالصفوف الأولى ودفعنا من عمرنا ودمنا مشانها."


مسيرة عمار عبد الرؤوف ملا موسى تمثل شهادة حية على التضحيات والصمود في وجه الحرب على الرغم من كل الخسائر الجسدية والنفسية مؤكدة أن الطريق الذي اختاره كان طريق قناعة وإيمان بمواجهة الظلم وأن الإصرار على القتال لم يتوقف رغم كل الإصابات والخسائر.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بلدة الشغور تصنع التاريخ... أول انتخابات بلدية شعبية عبر الإنترنت

معارك مستمرة وانتصارات متتالية

في لحظة تاريخية... سوريا تعيد تعريف نفسها